الخميس، 17 سبتمبر 2015

تعرف على معن بن زائدة

معن بن زائدة

أمير العرب أبو الوليد الشيباني ، أحد أبطال الإسلام ، وعين الأجواد . 

كان  في عهد الدولة الأموية من أمراء متولي العراقين: يزيد بن عمر بن هبيرة ،
فلما تملك آل العباس ، اختفى معن مدة ، والطلب عليه حثيث ، فلما كان يوم خروج الريونديةوالخراسانية على 
المنصور ، وحمي القتال ، وحار المنصور في أمره ، ظهرمعن ، وقاتل الريوندية فكان النصر على يده ، وهو مقنع في الحديد ، فقالالمنصور ويحك ، من تكون ؟ فكشف لثامه ، وقال : أنا طلبتك معن فسر به ، وقدمه وعظمه ، ثم ولاه اليمن وغيرها . 


**من عجيب ما وقع لمعن بن زائدة عندما كان مختفيا 

 ما حكاه مروان بن ابي حفصة الشاعر  قال اخبرني معن بن زائدة وهو يومئذ متولي بلاد اليمن ان المنصور جد في طلبي وجعل لمن يحملني إليه مالاً.

قال فاضطررت لشدة الطلب إلى ان تعرضت للشمس حتى لوحت وجهي وخففت عارضي ولبست جبة صوف وركبت جملا وخرجت متوجها إلى البادية لأقيم بها.

قال فلما خرجت من باب حرب وهو احد أبواب بغداد تبعني اسود مقلد بسيف حتى إذا غبت عن الحرس قبض على خطام الجمل فأناخه وقبض على يدي فقلت له وما بك؟ فقال أنت طلب أمير المؤمنين. فقلت ومن أنا حتى أطلب؟ فقال انت معن بن زائدة.

فقلت يا هذا اتق اللّه عز وجل وأين أنا من معن؟ فقال دع هذا فاني واللّه لأعرف بك منك.

قال معن فلما رأيت منه الجد قلت له هذا عقد جوهر قد حملته معي وهو بأضعاف ما جعله المنصور لمن يجيئه بي فخذه ولا تكن سببا لسفك دمي.

قال هاته فأخرجته إليه فنظر فيه ساعة وقال صدقت في قيمته ولست أقبله حتى أسألك عن شيء فان صدقتني أطلقتك. فقلت قل. قال ان الناس قد وصفوك بالجود فأخبرني هل وهبت مالك كله قط؟ قلت لا. قال فنصفه؟ قلت لا. قال فثلثه؟ قلت لا. حتى بلغ العشر فاستحييت وقلت أظن اني قد فعلت هذا. قال ما ذاك بعظيم، أنا واللّه رجل فقير ورزقي من أبي جعفر المنصور كل شهر عشرون درهما وهذا الجوهر قيمته الوف دنانير وهبته لك ووهبتك نفسك لجودك المألوف بين الناس ولتعلم ان في هذه الدنيا من هو أجود منك. فلا تعجبك نفسك، ولتحقر بعد هذا كل جود فعلته ولا تتوقف عن مكرمة ثم رمى العقد في حجري ورمى خطام الجمل وولى منصرفاً.

فقلت يا هذا واللّه لقد فضحتني ولسفك دمي علي أهون مما فعلت فخذ ما دفعته لك فاني غني عنه. فضحك وقال اردت ان تكذبني في مقالي هذا، واللّه ما أخذته ولا آخذ لمعروف ثمنا أبدا ومضى لسبيله، فواللّه لقد طلبته بعد أن أمنت وبذلت لمن يجيء به ما شاء فما عرفت له خبراً وكأن الأرض ابتلعته.


كان من الكرماء، حتى قيل فيه: حدث

عن البحر ولا حرج، وكان عاملاً بالبصرة،

فحضر على بابه شاعر وأقام مدة يريد

الدخول فلم يتهيأ له، فقال يوماً لبعض

الخدام: إذا دخل الأمير البستان فعرفني،

فلما دخل أعلمه بذلك، فكتب الشاعر بيتاً

ونقشه على خشبة وألقاها في الماء الذي
يدخل البستان، وكان معن جالساً على

القناة، فلما رأى الخشبة أخذها وقرأها

فإذا فيها هذا البيت:

أيا جود معن ناج معناً بحاجتي

فليس إلى معن سواك رسول.

فقال: من الرجل صاحب هذه؟ فأتي به

إليه، فقال: كيف قلت؟ فأنشده البيت،

فأمر له بعشر بدر، فأخذها وانصرف،

فوضع معن الخشبة تحت بساط، فلما

كان في اليوم الثاني أخرجها من تحت

بساط ينظر فيها، ودعا بالرجل فأمر له

بمائة ألف درهم، فلما كان في اليوم

الثالث فعل مثل ذلك، فتفكر الرجل

وخاف أن يأخذ منه ما أعطاه فخرج من

البلد بما كان معه، فلما كان في اليوم

الرابع طلب الرجل فلم يوجد، فقال معن:

والله هممت أن أعطيه حتى لا يبقى في

بيت مالي درهم ولا دينار إلا أعطيته له.

وفيه يقول القائل :

يقولون معن لا زكاة لماله ***
وكيف يزكي المال من هو باذله
إذا حال حولٌ لم يكن في دياره ***
من المال إلا ذكره وجمائله
تراه - إذا ما جئته - متهللاً ***
كأنك تعطيه الذي أنت آمله
هو البحر من أي النواحي أتيته ***
فلجته المعروف والبر ساحله
تعود بسط الكف حتى لو انه ***
أراد انقباضاً لم تطعه أنامله
فلو لم يكن في كفه غير نفسه ***
لجاد بها فليتق الله سائله

** قال بعضهم : دخل معن على المنصور ، فقال : كبرت سنك يا معن . 
قال : في طاعتك . قال : انك لتتجلد . قال : لأعدائك . قال : وإن فيك لبقية . 
قال : هي لك يا أمير المؤمنين . 

ومن جميل قوله :
دعيني أنهب الأموال حتى ***
أعف الأكرمين عن اللئام


*** حلمه وعفوه ***


عرف عن معن بن زائدة القائد العربي الشهير انه من أوسع الناس حلما و صفحا و عفوا عن زلات الناس . فعندما ولاه أبو جعفر المنصور على اليمن .


تذاكر جماعة فيما بينهم أخبار معن وحلمه وسعة صدره وكرمه وبالغو في ذلك وكان من بينهم أعرابي أخد على نفسه أن يغضبه فأنكروا عليه ذلك ووعدوه 100 بعير إن أغضب معن وفعل ذلك .


فعمد الاعرابي إلى بعير فسلخه وارتدى جلده وجعل ظاهره باطن و باطنه ظاهر و دخل على معن ولم يسلم فلم يعره معن انتباهه فأنشأ الرجل يقول:


أتذكرإذ لحافك جلدشاة

وإذ نعلاك من جلد البعير

 قال معن أذكره ولا أنساه و الحمد لله


. فقال الأعرابي:


فسبحان الذي أعطاك ملكا

 وعلمك الجلوس على السرير


فقال معن : إن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء. 


فقال ا|لأعرابي:


فلست مسلما ماعشت دهرا

 على معن بتسليم الأمير.


فقال معن السلام سنة يا أخا العرب


. فقال الأعرابي:


سأرحل عن بلاد أنت فيها 

ولو جار الزمان على الفقير.


فقال معن إن جاورتنا فمرحبا بالإقامة وإن جاوزتنا فمصحوبا بالسلامة.


 فقال الأعرابي:


فجد لي يابن (ناقصة )بمال

فإني قد عزمت على المسير.


فقال معن:

 أعطوه ألف دينار تخفف عنه مشاق الأسفار فأخدها وقال:

قليل ما أتيت به و إني

 لأطمع منك في المال الكثير

فثن قد آتاك الملك عفوا 

بلا رأي و لا عقل منير.


فقال معن أعطوه ألفا ثانية ليكون عنا راضيا فتقدم الأعرابي إليه وقال:

سألت الله أن يبقيك دهرا

فما لك في البرية من نظيرِ

 فمنك الجود و الإفضال حقا

 وفيض يديك كالبحر الغزير.


فقال معن أعطيناه لهجونا ألفين أعطوه لمديحنا أربعة فقال الأعرابي :

 بأبي أيها الأمير ونفسي فأنت نسيج وحدك في الحلم ، ونادرة دهرك في الجود ، فقد كنت في صفاتك بين مصدق و مكذب ، فلما بلوتك

 صغر الخُبر الخَبر  ، وأذهب ضعف الشك قوة اليقين ،وما بعثني على مافعلت إلا 100 بعير جعلت لي على إغضابك ، فقال له الأمير لا تثريب عليك . فوصى له ب 200 بعير 100 للرهان  ، و100 له فانصرف الأعرابي داعيا له ذاكرا بهباته بأناته


وقيل: كان معن بن زائدة خارجا للصيد

فعطش فلم يجد مع غلمانه ماء، فبينما

هو كذلك، وإذا بثلاث جوار قد أقبلن

حاملات ثلاث قرب فسقينه، فطلب شيئاً

من المال مع غلمانه فلم يجده، فدفع لكل

واحدةٍ منهن عشرة أسهم من كنانته

نصولها من ذهب. 

فقالت إحداهن: ويلكن لم تكن هذه الشمائل إلا لمعن بن زائدة، فلتقل كل واحدة منكن شيئاً من 
الأبيات.

فقالت الأولى:
يركب في السهام نصول تبر ***
ويرمي للعدا كرماً وجوداً
فللمرضى علاجٌ من جراحٍ ***
وأكفانٌ لمن سكن اللحودا

وقالت الثانية:
ومحارب من فرط جود بنانه ***

عمت مكارمه الأقارب والعدا

صيغت نصول سهامه من عسجدٍ ***

كي لا يقصر في العوارف والندى

وقالت الثالثة:
ومن جوده يرمي العداة بأسهمٍ ***
من الذهب الإبريز صيغت نصولها
لينفقها المجروح عند انقطاعه *** ويشتري الأكفان منها قتيلها



__________________

البيروني ...وجهوده العلمية

البيروني

شهد له الناس في الشرق والغرب بعلمه

وفضله، وأشاد الناس في كل مكان

باكتشافاته ومؤلفاته، وحفر اسمه

بحروف من نور على صفحات التاريخ !!

* مولده

ولد (أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني) في شهر ذي الحجة سنة 362هـ/ 3 من سبتمبر 973م، في إحدى ضواحي خوارزم، وهي مدينة (كاث) التي توجد مكانها حاليا بلدة صغيرة تابعة لجمهورية أوزبكستان، وكانت مدينة (خوارزم) مركزًا عظيمًا من مراكز الثقافة الإسلامية، ازدادت شهرتها بعد انهيار الخلافة الإسلامية في بغداد.

•نشأته

ونشأ (البيروني) في هذا الجو الذي يحث على طلب العلم ويدفع إلى التعلم، فحفظ القرآن الكريم ودرس الفقه والحديث النبوي الشريف، وفي (بيرون) خالط أبو الريحان التجار الهنود واليونانيين وغيرهم، فتعرف على طباعهم، وتعلم لغتهم، فاتسع إدراكه وازدادت خبرته وتعمقت تجارته، التقى أبو الريحان بمعلم أعشاب استطاع أن يتعلم منه شيئًا عن تحضير النباتات الطبية، وأن يعرف أسماء النباتات، الأمر الذي دفعه إلى الاهتمام بالعلوم الطبيعية.

*شيوخه
وتمكن (أبو الريحان) من أن يتصل بأبي نصر منصور بن علي، ذلك العالم الذي يمت بصلة قرابة إلى العائلة المالكة بخوارزم، وكان عالمًا كبيرًا في الرياضيات
والفلك، فأطلعه على هندسة إقليدس، وفلك بطليموس، فأصبح العالم الشاب
أبو الريحان مؤهلاً لدراسة الفلك، كما اكتسب دراية كبيرة بالعلوم الهندسية والفلك والمثلثات من أبي الوفاء العالم الفلكي الشهير وصاحب مرصد بغداد.
اشتهر (البيروني) وذاع صيته حتى وصلت أخباره إلى أمير (خوارزم) فأعجب
به، وضمه إلى علماء قصره، وضمن له ما يكفيه للعيش عيشة كريمة ليتفرغ للعلم والاستنباط والاستكشاف،

* اهتمامه بعلم الفلك
وفكر (أبو الريحان) في بناء مرصد فلكي، فعرض الأمر على الأمير، فرصد له ما يشاء من مال، وأحضر له جميع المستلزمات التي طلبها، ثم شرع (البيروني) مع أساتذته في بناء المرصد.

كان البيروني يجلس كل ليلة في مرصده، يتابع حركات الشمس والقمر والنجوم ويرسم على أوراقه خريطة لقبة السماء الزرقاء، يضع عليها مواقع المجرات والنجوم وأخذ كل يوم يكتشف الجديد في علم الفلك، وتغيرت الأحوال عندما رحلت العائلة المالكة في خوارزم والتي كانت عونًا له وسندًا، بعد أن جاءت العائلة المالكة الجديدة عائلة (مأمون بن محمد) فكان عليه أن يرحل هو الآخر من (خوارزم) فرحل عنها وظل يتنقل من بلد إلى بلد، وإذا سمع بعالم رحل إليه وأخذ العلم عنه.
وأخذ يكتب في أوراقه كل ملاحظاته عن المد والجزر في البحار، وعن حركات النجوم والأفلاك وغيرها مما يتعلق بعلم الطبيعة، وكان الملوك والأمراء يتنافسون في إكرام العلماء، ومن بينهم أمير (جرجان وطبرستان) (شمس المعالي قابوس) ذلك الأمير الذي شغله العلم، وامتلأ قصره بالعلماء، ولما علم ذلك الأمير بقصة أبي الريحان وكثرة ترحاله، شمله بعطفه ورعايته وأعطاه الأموال الكثيرة، حتى تفرغ للعلم واستطاع أن يكتب كتابه الشهير (الآثار الباقية عن القرون الخالية) وقدم هذا الكتاب هدية إلى الأمير (قابوس) سنة 390هـ.

*علاقته بابن سينا
وكان أبو الريحان البيروني على اتصال بابن سينا الذي كان من أشهر علماء عصره وكثرت الرسائل بينهما في خدمة العلم، فأعجب به ابن سينا إعجابًا شديدًا واستمرت رسائلهما حوالي خمس سنوات يتبادلان الرأي حول قضايا
علمية كثيرة، ولـمَّا عُزِلَ قابوس عن الإمارة سنة 400هـ/1009م لم يجد
أبو الريحان البيروني إلا أن يعود إلى بلده (خوارزم) مرة أخرى.
وفي جرجان عاصمة الدولة الخوارزمية، لقى أبو الريحان كل التقدير من أمير البلاد أبو العباس مأمون بن مأمون، وأتيحت له الفرصة لأن يجتمع بكبار العلماء مثل
ابن سينا وغيره، وبدأ العالم الكبير (أبو الريحان البيروني) في إجراء بحوثه ودراساته الفلكية والجغرافية، وشرع هو وتلاميذه في إنشاء مرصد في القصر الملكي لرصد حركة الشمس والقمر والنجوم.
وفي حديقة القصر بنى نصف كرة من الحجارة والطين قطرها أربعة أمتار تقريبًا ووضع عليها صور البلدان كما تخيلها، ورسم على تلك البلدان خطوط الطول والعرض، كما اشتغل مع علماء المجمع في حساب مساحة الكرة الأرضية، لكن الحياة لا تستقر على حال، فقد قتل الأمير عاشق العلم، واستولي السلطان محمود الغزنوي على البلاد سنة 407هـ/1016م، فأخذ كل الذخائر العلمية التي تضمها مكتبة القصر، كما اصطحب معه العلماء، وكان من بينهم أبو الريحان البيروني، حيث استقر في القصر الملكي بغزنة (أفغانستان حاليًّا).
وفي قصر السلطان (محمود الغزنوي) التقى البيروني بعدد من الفلاسفة والأدباء المشهورين، وأتيحت له الفرصة أن يشهد غزوات السلطان التي قادها،


*رحلته للهند
وصحب محمود الغزنوي في أكثر من ثلاث عشرة غزوة، وكانت إقامة البيروني بغزنة من العوامل التي ساعدته على القيام بعدة رحلات علمية إلى الهند، وكان قصده من ذلك القيام بدراسة علمية دقيقة على الطبيعة لأحوال هذه البلاد، من حيث تاريخها وثقافتها وأديانها، ورأى البيروني أن الفرصة لن تتهيأ له إلا إذا درس اللغة السنسيكريتية (لغة الهند)؛ ففتحت له هذه الدراسة أبواب الثقافة الهندية من جميع نواحيها العلمية والدينية، ووضع كتابًا مهمًّا عن حضارة الهند وتاريخها، أسماه (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل
أو مرذولة) ذكر فيه الجغرافيا الخاصة بالهند، كما ذكر لنا العقائد الدينية والمعارف العلمية عند الهنود، من رياضة وفلك وتاريخ وغيرها من علوم مختلفة.
وقد كتب البيروني أكثر من (146) كتابًا في علوم مختلفة، فقد كتب في الحساب وشرح الأرقام الهندسية شرحًا وافيًا، وهي الأرقام التي اتخذت أساسًا للأرقام العربية كما يعد الواضع الحقيقي للقواعد الأساسية لعلم الميكانيكا، وكانت له نظريات في استخراج الأوتار من الدائرة، واستطاع أن يبتكر معادلة لمعرفة محيط الأرض.

* اهتمامه علم الصيدلة
ويعد البيروني أبا الصيدلة العربية في العالم الإسلامي، فقد كتب عن الصيدلة كتبًا عديدة جعلته يحتل هذه المكانة المهمة في تاريخ الطب الإسلامي، وقد سجل البيروني في كتبه كثيرًا من فوائد النباتات الطبية والعقاقير والأدوية، كما كتب كتابًا أسماه (الصيدلة في الطب) وتجمعت لدي البيروني معلومات جغرافية كثيرة وضعها في كتاب سماه (نهاية الأماكن) وأثبت فيه أشياء لم تكن معروفة من قبل مثل:
أن وادي السند كان في العصور القديمة حوض بحر قديم كونته الرواسب التي حملها النهر.
وقال البيروني بدوران الأرض، وأنكر أن تكون الأرض مسطحة، وأنشأ مرصدًا خاصًّا به، وافترض أن الأرض ربما هي التي تدور حول الشمس، كما قال إن
الأزمان الجيولوجية تتعاقب في صورة دورات زمانية، كما اهتم البيروني أيضًا بدراسة التكوين الطبقي للصخور والأنهار والمحيطات، وابتكر نظامًا خاصًّا لرسم الخرائط
رسمًا مجسمًا، وللبيروني جهود علمية طيبة في الترجمة عن لغات أخري مثل: اللغة الهندية والفارسية .. وغيرها، وقد قام بترجمة اثنين وعشرين كتابًا إلى اللغة العربية أهمها: ترجمة كتاب (أصول إقليدس) وكتاب (المجسطي) لبطليموس
الفلكي.. وغيرهما.
وكان البيروني مفكرًا وفيلسوفًا إسلاميًّا؛ فهو يرى أن طلب العلم هو أسمى هدف للحياة البشرية، وأن مطالب الحياة تستلزم مراعاة أداء الفرائض الدينية والتمسك القوي بالدين الإسلامي، لكي تساعد الإنسان المسلم في تصريف الأمور، وتمييز الخير من الشر والصديق من العدو، وكان البيروني يقدر آراء العلماء الذين سبقوه ويسجلها في كتبه بأمانة وموضوعية، ويرُجع الفضل إلى أهله، كما كان يحترم تقاليد الشعوب الأخرى وعاداتها، وطرائقها في التفكير والمعيشة، ويظهر تسامح البيروني ومرونة عقله ونزاهته وموضوعيته في تقديره لعلوم اليونان والهنود
والفرس.. وغيرهم.
ولم يلق البيروني تقديرًا من المسلمين فحسب، بل إن الأوربيين كانوا يرون أن البيروني أكبر عقلية علمية في التاريخ، وأنه من أعظم العلماء الذين ظهروا على مر العصور، وأن اسمه يجب أن يوضع في لوحة الشرف التي تضم أكابر العلماء، وأنه من المستحيل أن يكتمل أي بحث في الرياضيات أو الفلك أو الجغرافيا أو المعادن أو العلوم الإنسانية، دون الإقرار بإسهاماته العظيمة في كل علم من تلك العلوم، ومرت الأيام وأصبح البيروني شيخًا كبيرًا؛ فأراد أن يجمع تجاربه ومشاهداته العلمية في كتاب فكتب كتابًا أسماه (القانون المسعودي) وهو موسوعة ضخمة في العلوم نسبة إلى السلطان (مسعود) وفاءً وإخلاصًا له، فكافأه السلطان بأن أرسل له ثلاثة جمال محملة بالنقود والفضة، فرد أبو الريحان الهدية قائلاً: إنه يخدم العلم للعلم لا للمال.
وظل أبو الريحان يكتب البحوث المفيدة والقيمة، وينتقل من اكتشاف إلى اختراع إلى كتابة مؤلفات جديدة، وظل وفيًّا للعلم؛ فيذكر أنه وهو على فراش الموت زاره أحد أصدقائه فسأله البيروني عن مسألة سبق أن ناقشه فيها، فقال له صديقه: أفي مثل
هذه الحال تسأل ؟!! قال البيروني: يا هذا، الأفضل أن أودع الدنيا وأنا عالم بهذا
المسألة !!
وقد أشاد بمكانة البيروني العلمية كبار مؤرخي العلم، وأنشئت باسمه جامعة في (طشقند) عاصمة جمهورية أوزبكستان الإسلامية تقديرًا لمآثره العلمية، كما اختير من بين (18) عالمًا إسلاميًّا أطلقت أسماؤهم على بعض معالم القمر، ومات البيروني وشيعه كبار رجال العلم ومحبوه ممن تتلمذوا على يديه، وكان ذلك
سنة 440هـ.. رحم الله ذلك العالم المسلم الكبير بقدر ما قدم للإنسانية من علم ومعرفة.

أخلاق الكرام

في ترجمة سري السقطي أحد تلاميذ

معروف الكرخي

أنه قال : (احترق سوقنا فقصدت المكان

الذي فيه دكاني فتلقاني رجل فقال :

ابشر فإن دكانك قد سلمت . فقلت الحمد

لله . ثم ذكرت ذلك التحميد إذ حمدت

الله على سلامة دنياي وإني لم أواسِ

الناس فيما هم فيه ، فأنا أستغفر الله منذ

ثلاثين سنة.)

يالله العجب من قلوب أخلصت لله

وحرصت على مرضاة الله

هذا الرجل العارف بالله

يستغفر الله ٣٠ سنه لأنه حمد الله على

سلامة متجره  والناس من حوله قد

احترقت وتلفت  متاجرهم بسبب

الحريق فأحس بتأنيب الضمير   لاسيما

وأنه لم يواس الناس فيما حصل لهم!!!

فماذا نقول لأناس يتعمدون ويتفنون

ويستميتون لكي يلحقوا  الضرر

بالآخرين  مستغلين نفوذهم أو مراكزهم

الوظيفية  لا لشيء  إلا

لأنهم على غير وفاق معهم .