السبت، 26 يوليو 2014

دفع القيمة في زكاة الفطر

اخراج زكاة الفطر نقودا
من المعلوم أن زكاة الفطر شرعت لأمرين
ورد ذكرهما في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( أحدهما طهرة للصائم )
والاخر (إغناء الفقير والمسكين في يوم العيد ليشارك المجتمع الفرح والسرور ذلك اليوم )
وفي زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كانت النقود. (دراهم ، ودنانير) متعذرة وليس كل أحد يتملكها ، فكانت. غالب البيوع بينهم تتم عن طريق المقايضة :  تمر مقابل قمح أو. شعير مقابل قماش وهكذا.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفعوا زكاة فطرهم صاعا مما لديهم من الأطعمة المتوافرة لديهم :
التمر ، الزبيب ، القمح ، الشعير ... وحتى أهل البادية الذين ليسوا أهل زراعة. وإنما هم أهل ماشية أمرهم أن يخرجوا صاعا من أقط لأنه صنعتهم ومتوفر لديهم .
إذن الرسول صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من طعام . لندرة النقود في ذلك الوقت ، ولأن قيمة النقود ربما تتغير وتختلف قوتها الشرائية من عصر إلى عصر ، بخلاف الصاع من الطعام فإنه ثابت لايتغير وزنه بحال ، وغالبا مايكون مشبعا
لأهل البيت ، ولا يتضرر دافع الزكاة بانفاقه.
وعند النظر في زكاة الفطر نجد أنها متعلقة بالأبدان وليس بعين الأموال كما هو في زكاة النقدين ، أو الماشية ، أو الحبوب والثمار ، فالمسلم يخرج الزكاة عن نفسه وممن يعول من أهل بيته تطهيرا لصيامه من اللغو والرفث ، ولإغناء الفقير في ذلك اليوم
وإذا كان إخراج القيمة بدلا عن العين أجازه
الجمهور من أهل العلم مستدلين بما رواه البيهقي بسنده ، والبخاري معلقا عن طاووس قال : قال معاذ باليمن ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الصدقة ، فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة.
وفي رواية : ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مكان الذرة والشعير .
فيكون إخراج القيمة( النقود ) في زكاة الفطر لتعلقها بالأبدان من باب اولى.

لاسيما وأن الصحابة أجازوا إخراج نصف الصاع من القمح لأنهم رأوه معادلا في القيمة للصاع من التمر أو الشعير.
قال معاوية : إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من التمر .
الأمر الآخر : أن الإغناء في النقود في - وقتنا الحاضر  - أجدى وأنفع للفقير ، فكثرة الأطعمة تحوجه إلى بيعها بثمن بخس من أجل الحصول على النقود ، وهذا هو الحاصل
والمُشَاهد : الفقير يستلم زكاة الفطر ثم يقوم ببيعها بأقل من قيمتها ليحصل على النقود! !
فهذا المشهد صورة من صور العبث
والذي تنزه عنه شريعة الإسلام ، وقد نص الشاطبي رحمه الله بأنه (لاعبث في الشريعة )
بل هذا فيه من الظلم الواضح البين المنافي للعدل الذي جاءت به شريعة الاسلام
قال ابن القيم رحمه الله : أينما وجد العدل
فثم شرع الله.
فدفع القيمة مباشرة للفقير يتحقق بها الإغناء حيث يمكنه شراء مايلزم من ملابس
له أو لعياله أو شراء هدايا لأطفاله مما يترتب عليه فرحته وفرحتهم بالعيد ، وهذا هو مقصد الشارع.

والقول بجواز دفع القيمة في زكاة الفطر
ليس منكرا ولا شاذا
فقد قال به عمر بن عبدالعزيز رحمه الله
والحسن الصري، وعطاء وقال به الثوري
وأبو حنيفة وأصحابه
وهو رواية عن أحمد كما في الانصاف
وهو اختيار شيخ الاسلام رحمه الله
حيث جوز إخراج القيمة إذا كان هناك مصلحة .
وممن أجاز ذلك : الشيخ مصطفى أحمد الزرقا حيث قال : ليس مع المانعين دليل صريح بل حجتهم في ذلك أن زكاة الفطر عبادة ، وأن العبادات مبنية على التوقف ولايجزي فيها التعليل والقياس.
ثم نراهم أدخلوا الرز مع أنه لم يرد ذكره في الحديث! !
فأي حجة أو مسوغ يلتمسونه لإدخال الرز هي نفسها حجة لإدخال النقود. 
(العقل والفقه )
وممن قال بجواز دفع القيمة في زكاة الفطر
الدكتور يوسف القرضاوي( فقه الزكاة )

*اذن دفع القيمة في زكاة الفطر لا يعتبر مخالفة للنص كما قد يتصوره البعض بل هو إعمال لروح النص ومقصوده ؛ فزكاة الفطر شرعت طُهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين يستغنون بها عن ذُل المسألة يوم العيد... ولاشك أن دفع قيمة الطعام ( النقود ) يحصل به المقصود في وقتنا الحاضر أكثر مما يحصل بدفع صاعا من الطعام .

*وأخيرا نرى بأن  من أخذ بأحد القولين
لا تثريب عليه فالصحابة وهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم قد اختلفوا عندما قال لهم : لايصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة ، فأدركتهم صلاة العصر في الطريق فتخوف بعضهم فوات الوقت فصلوا ،
وقال آخرون لانصلي الا حيث أمرنا رسول الله ، حتى أن بعضهم صلى العصر في وقت العشاء.
فبعض الصحابة عملوا بروح النص
ومقصده :
وهو الحث على الاسراع والمبادرة لقتال اليهود .
والبعض الآخر عمل بظاهر النص ، وأنه لايصلي العصر إلا في المكان الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم حتى مع فوات الوقت ،
ومع ذلك لم يعنف الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الفريقين.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق